الجمعة، مارس ٣٠، ٢٠٠٧

آآآآآآه مني


- في جملة عمالة تضرب في راسي بقي لها كام يوم ...
"خلف أعلي الضحكات .... يكمن أسي عميق"
القائل ...... أنا طبعا ... بس بجد صادقة بشكل صعب حتي تصوره ...

- مسيطرة عليا فكرة غريبة أوي اليومين دول ....
"مين من معارفي لما حيموت حأزعل عليه عشان مش حالاقي بعده اللي يسمعني وأحكي له ويطمن عليا ويحب يسمع أخباري"
مش بأدور علي حد أزعل علي فراقه وموته لأن دول كتير .... أنا بأدور علي اللي أفتقد بعده اللي يطمن عليا ويسأل ... ويحسسني بجد إن همه فعلا إنه يحس بيا ويخرج اللي جوايا من مشاكل وهموم ...
زي ما أنا بأعمل مع الناس ...

- سؤال سألته لها ... ومش عارف رده لغاية دلوقتي ...
"إيه مشروعية إني أسأل:ليه اللي بأحبها مش زي باقي البنات ... بتتكلم كتير وبتسأل عليا وتتناقش ... وتطمن عليا ... وتحسسني إنها عايزة تعرف كل حاجة عني ... من غير ما أقول لها"
ليه غالبا بألاقي إن الحوار من ناحية واحدة بس ... أنا بأسأل عليها وأخبارها ... ولما نيجي عليا ... أنا اللي باحكي عن نفسي من غير ما تسأل هى ..أو بأحب أقولها ... من غير ما أحس إنها عايزة تطلع الكلام من جوايا وتفضل مصرة إنها تسمع مني ....

- بعدما أسيب الشغل ...
حيقولوا كان واحد طيب ومشي ...و لا حيقولوا إيه ؟؟
مرة سمعت من أستاذ اسمه عبد اللطيف آدم ... "المهم بعدما نموت افتكرونا باالخير وقولوا كان راجل طيب ومات ...."
نفسي أوي ... يقولوا عليا كده ....وانتم كمان .... قولوا عليا كان واحد طيب ومات ...
لو حد زعل مني ...أو شافني بصورة وحشة .... يا يقول لي .. يا إما ينسي ليا الحاجات الوحشة ويفتكر الكويس ...
عايز أسمع منكم وعنكم ....
"محمد .... ياااه .... ده كان واحد طيب ومات ..."

- آخر حاجة .... لو حصل لي حاجة وحشة الأيام الجاية ...
حادثة - مصيبة - نتيجة - اعتقال ....
ابقوا اسألوا عليا .... أنا فاكر يوم ما اتمسكت السنة اللي فاتت ... معني إني أخرج وألاقي كل الناس دي سألت عليا ....

-
امنحيني شيئا من حنانك ....
فحنانك أقوي مني ألف مرة ...
امنحيني ...

الأربعاء، مارس ٢٨، ٢٠٠٧

د.إبراهيم الزعفرانى عمل مدونة يا جدعان

د.إبراهيم الزعفرانى

وما أدراكم مين الدكتور إبراهيم الزعفراني ؟؟؟








اسمه كفاية هنا في اسكندرية .... وفي مصر كلها ....

اطلع اطلع يا زعفراني ... تعالي وقول لنا مين فاز تاني ؟؟

كان الآلاف بيرددوا كده يوم الانتخابات بالليل .... بكل فرح وهيصة وشقلبة وهيجان







عنده بقي حتقوا كلام مش موجود في أي كتب ... لا أي قصص ولا برامج ....

بداية الحركة الطلابية في اسكندرية ...وعودة الإخوان بعد مهزلة عبد الناصر

أول صلاة عيد في الاستاد والخلاء ... إزاي الإخوان اتجمعوا تاني ورجعت الأسر والشعب والمناطق

يوم ما طالب من الإخوان راح كممثل لاتحاد طلبة الثانوي ..ورأي الإخوان إنه يروح ولا لأ؟ويقول إيه هناك ؟؟

عبد المنعم أبو الفتوح - عصام العريان - حلمي الجزار - إبراهيم الزعفراني وكل الأسامي الي بتسمعوها دلوقتي من الإخوان ...



http://drzafarany.maktoobblog.com

نائب رئيس المكتب الإدارى لجماعة الإخوان المسلمين بالأسكندرية
و أمين اللجنة الثقافية والسياسية الأسبق بإتحاد طلاب جامعة الأسكندرية
وزوجته الدكتورة جيهان الحلفاوى مرشحة الإخوان بإنتخابات مجلس الشعب 2000




كل الكلام ده وأكتر لقيته هناك ....

كان ليا شرف مصاحبته وسماع الكلام ده كله منه في حبسة قضيتها معاه في ليمان طرة ...

وساعتها كنت ناوي أخرج وأحكي وأكتب ... بس كانت مشككلتي في الذاكرة التعبااااااانة جدا اللي عندي ...




والحمد لله أنه بدأ يحكي ... هنا ...

ادخلوا ومش حتندموااااااااا

(( إنى أحبك فى الله يا دكتور إبراهيم ))

الاثنين، مارس ٢٦، ٢٠٠٧

حتوحشنا

وحشتنا .... أحمد ... بجد وحشتنا


مكنتش عايز أبدأ بالبداية دي ... لأني لو مكانك مش حأحب حد يقول لي كده خالص.... لكن بجد .... وحشتنا .....
- يوم الجمعة اللي فات سافرت الإمارات ,أنا عرفت ليلتها .... كنت عايز أقولك كلام كتير لكن معرفتش ... وكنت عايز ألحق أقعد معاك لكن الوقت عدي بسرعة ...
أحمد ... يمكن مش حتقرأ الكلام ده لكن ممكن أقوله لك ....؟

- كنت بأقول لعمار إن الفراق والموت والحاجات دي مش بأحسها ... وإن الموقف حيعدي عليا عادي ... لكن بجد نظرة عينيك الخايفة وأسئلتك لينا تعمل إيه في وزن الشنطة؟؟ ولا تلبس إيه ؟؟ كانت صعبة أوي ....
إنت عارف إنك مش من النوع اللي يسأل علي حاجة أو يقبل من حد النصيحة ... لكن وإنت بتقولنا أعمل إيه ...

كان هاين علينا ندمع منك ...


أحمد بجد حتسافر؟؟؟
بجد حتقعد سنة بحالها مش حنشوفك؟؟؟

أحمد ...إحنا مع بعض أكتر من 12سنة.. يعني أكتر من نص عمرنا و دلوقتي تسافر ...؟ فاكر أول ما عرفنا بعض إمتي ؟؟؟

فاكر ... سنة خامسة ابتدائي ...
- استني أحكي لك حاجة يمكن تفتكر ... في فسحة المدرسة ... أنا فاكر لك حاجة إنت مش حتفتكرها ... في أول السنة ضرسي ورم واضطريت أغيب عن المدرسة ... وأيامها كانت امتحانات الشهر... ولما رجعت ... كنا واقفين مع أستاذ صبري في الحوش وإنت قلت له : "محمد لو كان امتحن كان طلع من الخمسة الأوائل ...."

جبت منين الرأي ده يا أحمد ؟ ؟ تعرف ؟
من ساعتها ........... وأنا رأيي إنك كنت بتبالغ ... لكن حأقول إيه ؟؟؟ ده رأيك...
فاكر سنة ثانية إعدادي ؟؟؟
- لما أستاذ صالح بهدلنا في حصة الهندسة؟؟؟ أنا مش ممكن أنسي اللحظة دي ...
يومها بعد ما شرح الدرس كله والناس كلها كتبت .. كان بيمر بين الصفوف ... لقي سيادتك وسيادتي بنتكلم
ومحدش فينا كتب حاجة ...فاكر يومها حصل فينا إيه ؟؟
إحنا الاتنين ؟
يومها يا أحمد .... مسح بينا السبورة ...أنا فاكر إنه طلعنا برة ونزل فينا ضرب بمسطرة الهندسة لما بهدلنا ....
وسمع المدرسة كلها بينا ....شفت معرفتك بيا ودتك فين ؟؟

أنا مكنتش عارف أشوفك كتير .. أو أتكلم معاك كتير ؟؟
بس بجد والله كنت شايفك من اقرب لناس ليا .عارف لما ترجع .... حأقولك ....
إني امبارح كنت قاعد مع أستاذ صبري وجبنا سيرتك ...آه والله....
وحأقولك إنه فاكر لك حاجة إنت كمان .... بعد 12 سنة.. قال لي :"أحمد سامي ده كان أول واحد أضربه في المدرسة ..."
ارجع بقي ...
- ده قال لي إنه ضربك ظلم ... اه والله بعدما ضربك إنت قلت له :" إنك كنت غايب يومها ..." قال لك :"مش كنت تقول طيب يا ابني ....."
مش كنت تقول له يا أحمد؟؟
ما ترجع بقي يا أخي ....
- مش حأفكرك بيوم ما كلمتني عن عمار وإحنا ماشيين علي البحر؟ ؟
وقلت لي إنت بتحبه قد إيه ؟ ؟ و إزاي أنه دخل قلبك علي طول وحاولت بكل طريقة تصاحبه وتكون معاه .... من أيام الثانوي ؟ ؟
- فاكر يا أحمد ؟ ؟ أنا بقي حأقول لك إنك بقيت دلوقتي أقرب واحد ليه ... ويوم سفرك قبل ما نيجي لك الساعة 2 بالليل ... كان بيقول لي : "أحمد حيسافر يا محمد" ... أ
نا كنت سامعه بيقولها بجد ....
عمار مكنش مستوعب إنك حتسافر عمار مش من النوع اللي يتأثر بالحاجات دي ... لكن والله كان بيقولها بجد ...
أحمد حيسافر يا محمد ....
أحمد حيسافر يا جماعة ....
- أنا رحت معاك نختم ورق الشهادة في القاهرة من القنصلية ... لكن مكنتش عارف إنك حتمشي بسرعة كده ...
فاكر يومها ..اتغدينا إيه ؟ ؟ ؟ واتفقنا إن الراجل اللي اتغدينا عنده أول يوم كان أحلي وأكتر و أزيد من تاني يوم ...
- فاكر يا أحمد ؟ ؟؟
- فاكر إني مشورتك ولففتك القاهرة كلها في يوم واحد ؟؟؟ وقعدت تدعي عليا ....؟ ؟
بهدلتك في العباسية ... وباب الشعرية ... والعتبة .... و المهندسين .... والهرم ... وبعد كده فيصل ..... ؟؟
حد يلف القاهرة كلها في يوم واحد مع صاحبه يا أحمد ؟
فاكر مصعب؟؟؟
- إنت اللي عرضت عليا نبات عنده ... وأنا كنت متردد...لكن بساطتك دي .. هي اللي بتحبب الناس فيك ....
قلت لي :"وإيه يعني ؟ ؟ اتصل بيه واعرض عليه .. وافق وافق ... موافقش خلاص..." يومها وافق مصعب طبعا .... وفعلا بيتنا عنده ...
علي فكرة هو سألني عليك الإسبوع اللي فات وبيسلم عليك ... وأنا كنت فاكرأقولك بس نسيت .....
ها ؟؟؟حتخلي بالك علي نفسك خلاص ؟؟
- وبعدين تعالي هنا؟ ؟ مستعجل ليه كده يا أخي ؟؟
- عايز تتأهل بسرعة ؟؟ فاكر يوم خطوبتك ؟ يومها إنت كنت فرحان أوي ...
إنت أول واحد فينا يعزم علي الخطوة دي ... بس بجد كان باين في عينيك وعينيها سعادة وفرحة الدنيا كلها ....
- أحمد ...متتأخرش عليها يا أحمد ...ارجع لها بسرعة ....
- يوم ما جينا لك ليلة السفر قلت لعمار:"أحمد حينزل متضايق؟ "
- كنت متضايق يا أحمد ؟؟؟ صح ؟؟
- ليه مألستش على شعري اللي خلاص معدش فاضل منه حاجة؟؟
- ولا ليه مضحكتش بصوت عالي زي عوايدك؟؟
- ليه يا أحمد ؟ ؟
أحمد مش عايز أطول ..ومش عايزك تزهق مني .....
- بس فاكر لما فتحت عليا اخر دقيقة في رصيدي ؟؟؟ ساعتها كنت واقف جوه المحل وأنا بره وأنا بأرن أستعجلك تخلص قمت إنت زي الـ ...... فاتح عليا علي طول من غير ما تبص علي الرقم ....يومها أنا عملت فرح ... وقلبتها ضلمة....وقفلت الليلة كلها ...
لكن ليلة سفرك ....
- إنت فتحت عليا برضه ... وكانت آخر دقيقة برضه... بس صدقني .. ساعتها فرحت أوي إنك فتحت علي ...
أحمد ...
- أنا آسف إنك يوم السفر قلت لي علي الياهو "السلام عليكم" وأنا مردتش ... مكنتش عارف إنك حتسيبنا وتسافر خلاص ...
- أنا آسف إني شديت معاك علي سجادة الصلاة ... مكنتش عارف إنك حتمشي بسرعة كده ...
- أنا آسف علي كل المرات اللي اتفقنا ننزل فيها كلنا... وكنت أنا السبب في تأخيركم ودعواتكم عليا ....
أحمد ...
إنت الوحيد من مجموعة المدرسة اللي كمل معانا رغم إنه ساكن بعيد عننا .... ورغم إننا عرفناهم قبلك .... لكن حنقول إيه ... القلوب بيد ربنا يقلبها كيف يشاء......
أحمد ...حتوحشنا أوي ...
لأ..... إنت خلاص ... وحشتنا ...
- وحشت خالك .. وجدتك .. وقرايبك ....
- وحشت عمرو ويحيي أوي ...
- وحشت أختك أوي .....
- وحشت خطيبتك أوي أوي ....
- وحشت أختك الصغير أوي أوي .... أحمد بيحبك أوي يا ميار ...
ميار متخفيش ... أحمد يوم ما سافر كان بيقول:
"إن الوحيدة اللي حسستني إني مسافر وزعلتني هي ميار ...."
- أحمد ... إنت وحشت مامتك أوي ....
واسمع كلامها بقي... دي وصيتها ليك قدامنا وشهدتنا عليك ...
لو تسمع صوتها وهي بتكلمني في التليفون عليك وفرحانة بيك علي سفرك واستلامك الشغل وإنك لقيت مكان للسكن خلاص ....
حتعرف ..... إنك وحشتها أوي يا أحمد ...
- إنت وحشت عمار أوي ... كده برضه ؟ ؟
- إنت وحشتني ... وحشتني أوي أوي أوي ...
يمكن دي أول مرة أقول لك الكلام ده ... ويمكن ... مكنتش أقدر اقوله لك لو إنت موجود دلوقتي ...بس بجد .... عايزك ترجع ....
بس قبل ما ترجع ...
- حقق كل االي كان نفسك فيه .... وانجح هناك واثبت نفسك علي الآخر ... وارجع كده وإنت مبسوط باللي حققته ... واللي عملته ...
- افتكر كل لحظة الناس اللي انت سافرت عشانهم ... وإنهم عايزينك ترجع أحسن مما رحت ... وإنهم كلهم مستنينك ترجع آه ... لكن ناجح وشاطر ومحقق أمانيك ...
أحمد ...حندعي لك علي طول...
وحنفضل نجيب في سيرتك - معلش بقي استحمل – ولو كنا كتبنا عليك حاجة ..... فده عشان كلنا ... كلنا بنحبك ....
محمد-عمار-يحيي-عمرو
وكل اللي بيحبوك
وحشتنا كلنا

الأحد، مارس ١٨، ٢٠٠٧

إلي حبيبتي..

قال لي صديق ، معروف بجمود الفكر ، وعبادة العادة ، والذعر من كل خروج عليها أو تجديد فيها . قال:

- أتكتب عن زوجك في الرسالة تقول إنها من أعقل النساء وأفضلهن ؟ هل سمعت أن أحداً كتب عن زوجه ؟ إن العرب كانوا يتحاشون التصريح بذكرها ، فيكنون عنها بالشاة أو النعجة استحياء وتعففا ، حتى لقد منع الحياء جريراً من رثاء زوجه صراحة ، وزيارة قبرها جهارا . ومالك بن الريب لمّا عد من يبكى عليه من النساء قال :

فمنهن أمى وابنتاها وخالتى **** وباكية أخرى تهيج البواكيا

فلم يقل وامرأتى . . وكذلك العهد بآبائنا ومشايخ أهلنا . لم يكن يقول أحد منهم : زوجتى ؛ بل كان يقول : أهل البيت وأم الأولاد ، والجماعة ،والأسرة ، وأمثال هذه الكنايات . أفترغب عن هذا كله ، وتدع ما يعرف الناس ،وتأتى ما ينكرون ؟

قلت : نعم !

فكاد يصعق من دهشته مني ، وقال :

- أتقول نعم بعد هذا كله ؟
قلت : نعم ! مرة ثانية .

أكتب عن زوجتي فأين مكان العيب في ذلك ؟ ولماذا يكتب المحب عن الحبيبة وهي زوج بالحرام ،ولا يكتب الزوج عن المرأة وهي حبيبته بالحلال ؟ ولماذا لا أذكر الحق من مزاياها لأرغب الناس في الزواج . والعاشق يصف الباطل من محاسن العشيقة فيحبب المعصية إلى الناس؟ إن الناس يقرؤون كل يوم المقالات والفصول الطوال في مآسي الزواج وشروره ، فلم لا يقرؤون مقالة واحدة في نعمه وخيراته ؟

ولست بعد أكتب عن زوجي وحدها ؛ ولكنى كما كان هوجو يقول : "إني إذا أصف عواطفي أبا ، أصف عواطف جميع الآباء" .

لم أسمع زوجاً يقول إنه مستريح سعيد ، وإن كان في حقيقته سعيداً مستريحا ، لأن الإنسان خلق كفورا ، لا يدرك حقائق النعم إلا بعد زوالها ؛ ولأنه ركب من الطمع ، فلا يزال كلما أوتى نعمة يطمع في أكثر منها ، فلا يقنع بها ولا يعرف لذتها . لذلك يشكو الأزواج أبدا نساءهم ، ولا يشكر أحدهم المرأة إلا إذا ماتت ، وانقطع حبله منها وأمله فيها ؛ هنالك يذكر حسناتها ، ويعرف فضائلها . أما أنا فإني أقول من الآن – تحدثا بنعم الله وإقراراً بفضله – إني سعيد في زواجي وإني مستريح .

وقد أعانني على هذه السعادة أمور يقدر عليها كل راغب في الزواج ، طالب للسعادة فيه ، فلينتفع بتجاربي من لم يجرب مثلها ، وليسمع وصف الطريق من سالكه من لم يسلك بعد هذا الطريق.

أولها : أني لم أخطب إلى قوم لا أعرفهم ، ولم أتزوج من ناس لا صلة بيني وبينهم . . فينكشف لي بالمخالطة خلاف ما سمعت عنهم ، وأعرف من سوء دخيلتهم ما كان يستره حسن ظاهرهم ، وإنما تزوجت من أقرباء عرفتهم وعرفوني ، واطلعت على حياتهم في بيتهم واطلعوا على حياتي في بيتي . إذ رب رجل يشهد له الناس بأنه أفكه الناس ، وأنه زينة المجالس ونزهة المجامع ، وهو في بيته أثقل الثقلاء . ورب سمح هو في أهله سمج ، وكريم هو في أسرته بخيل ، يغتر الناس بحلاوة مظهره فيتجرعون مرارة مخبره . .

تزوجت بنتاً أبوها ابن عم أمي لحا ، وهو الأستاذ صلاح الدين الخطيب شيخ القضاء السوري المستشار السابق والكاتب العدل الآن . وأمها بنت المحدّث الأكبر ، عالم الشام بالإجماع الشيخ بدر الدين الحسينى رحمه الله . فهي عريقة الأبوين ، موصولة النسب من الجهتين.

والثاني : أني اخترتها من طبقة مثل طبقتنا . فأبوها كان مع أبي في محكمة النقض ،وهو قاض وأنا قاض ، وأسلوب معيشته قريب من أسلوب معيشتنا ،وهذا هو الركن الوثيق في صرح السعادة الزوجية ، ومن أجله شرط فقهاء الحنفية (وهم فلاسفة الشرع الإسلامي) الكفاءة بين الزوجين .

والثالث : أني انتقيتها متعلمة تعليماً عادياً ، شيئاً تستطيع به أن تقرأ وتكتب ، وتمتاز من العاميات الجاهلات ، وقد استطاعت الآن بعد ثلاثة عشر عاماً في صحبتي أن تكون على درجة من الفهم والإدراك ، وتذوق ما تقرأ من الكتب والمجلات ، لا تبلغها المتعلمات ،وأنا أعرفهن وكنت إلى ما قبل سنتين ألقي دروساً في مدارس البنات ، على طالبات هن على أبواب البكالوريا ، فلا أجدهن أفهم منها ، وإن كن أحفظ لمسائل العلوم ، يحفظن منها ما لم تسمع هي باسمه.

ولست أنفر الرجال من التزوج بالمتعلمات ، ولكني أقرر – مع الأسف – أن هذا التعليم الفاسد بمناهجه وأوضاعه ، يسيء على الغالب إلى أخلاق الفتاة وطباعها ، ويأخذ منها الكثير مه0ïزاياها وفضائلها ،ولا يعطيها إلا قشورا من العلم لا تنفعها في حياتها ،ولا تفيدها زوجاً ولا أما . والمرأة مهما بلغت لا تأمل من دهرها أكثر من أن تكون زوجة سعيدة وأما.

والرابع : أني لم أبتغ الجمال وأجعله هوو الشرط اللازم الكافي كما يقول علماء الرياضيات لعلمي أن الجمال ظل زائل ؛ لا يذهب جمال الجميلة ، ولكن يذهب شعوورك به ، وانتباهك إليه ، لذلك نرى من الأزواج من يترك امرأته الحسناء ويلحق من لسن على حظ من الجمال ، ومن هنا صحت في شريعة إبليس قاعدة الفرزدق وهو من كبار أئمة الفسوق ، حين قال لزوجه النوار في القصة المشهورة : ما أطيبك حراما وأبغضك حلالا !

والخامس : أن صلتي بأهل المرأة لم يجاوز إلى الآن ، بعد ثمن قرن من الزمان ، الصلة الرسمية : الود والاحترام المتبادل ، وزيارة الغب ، ولم أجد من أهلها ما يجد الأزواج من الأحماء من التدخل في شؤونهم ، وفرض الرأي عليهم ، ولقد كنا نرضى ونسخط كما يرضى كل زوجين ويسخطان ، فما دخل أحد منهم يوما في رضانا ولا سخطنا .

ولقد نظرت إلى اليوم في أكثر من عشرين ألف قضية خلاف زوجي ، وصارت لي خبرة أستطيع أن أؤكد القول معها بأنه لو ترك الزوجان المختلفان ، ولم يدخل بينهما أحد من الأهل ولا من أولاد الحلال ، لانتهت بالمصالحة ثلاثة أرباع قضايا الزواج.

والسادس : أننا لم نجعل بداية أيامنا عسلا ، كما يصنع أكثر الأزواج ، ثم يكون باقي العمر حنظلا مرا وسما زعافا ، بل أريتها من أول يوم أسوأ ما عندي ، حتى إذا قبلت مضطرة به ، وصبرت محتسبة عليه ، عدت أريها من حسن خلقي ، فصرنا كلما زادت حياتنا الزوجية يوما زادت سعادتنا قيراطا .

والسابع : أنها لم تدخل جهازا ، وقد اشترطت هذا لأني رأيت أن الجهاز من أوسع أبواب الخلاف بين الأزواج ، فإما أن يستعمله الرجل ويستأثر به فيذوب قلبها خوفاً عليه ، أو أن يسرقه ويخفيه ، أو أن تأخذه بحجز احتياطي في دعوى صورية فتثير بذلك الرجل .

والثامن : أني تركت ما لقيصر لقيصر ، فلم أدخل في شؤونها من ترتيب الدار وتربية الأولاد ؛ وتركت هي لي ما هو لي ، من الإشراف والتوجيه، وكثيراً ما يكون سبب الخلاف لبس المرأة عمامة الزوج وأخذها مكانه ، أو لبسه هو صدار المرأة ومشاركتها الرأي في طريقة كنس الدار ، وأسلوب تقطيع الباذنجان ، ونمط تفصيل الثوب.

والتاسع : أني لا أكتمها أمراً ولا تكتمني ، ولا أكذب عليها ولا تكذبني ، أخبرها بحقيقة وضعي المالي ، وآخذها إلى كل مكان أذهب إليه أو أخبرها به ، وتخبرني بكل مكان تذهب هي إليه ، وتعود أولادنا الصدق والصراحة ، واستنكار الكذب والاشمئزاز منه .
ولست والله أطلب من الإخلاص والعقل والتدبير أكثر مما أجده عندها . فهي من النساء الشرقيات اللائى يعشن للبيت لا لأنفسهن . للرجل والأولاد ، تجوع لنأكل نحن ، وتسهر لننام ، وتتعب لنستريح ، وتفني لنبقي . هي أول أهل الدار قياماً ، وأخرهم مناماً ، لا تني تنظف وتخيط وتسعى وتدبر ، همها إراحتي وإسعادي . إن كنت أكتب ، أو كنت نائماً أسكتت الأولاد ، وسكنت الدار ، وأبعدت عنى كل منغص أو مزعج .


تحب من أحب ، وتعادى من أعادى . إن حرص النساء على رضا الناس كان حرصها على إرضائي . وإن كان مناهن حلية أو كسوة فإن أكبر مناها أن تكون لنا دار نملكها نستغني بها عن بيوت الكراء.


تحب أهلي ، ولا تفتأ تنقل إلى كل خير عنهم . إن قصرت في بر أحد منهم دفعتني ، وإن نسيت ذكرتني ، حتى أني لأشتهي يوماً أن يكون بينها وبين أختي خلاف كالذي يكون في بيوت الناس ، أتسلى به ، فلا أجد إلا الود والحب ، والإخلاص من الثنتين ، والوفاء من الجانبين . إنها النموذج الكامل للمرأة الشرقية ، التي لا تعرف في دنياها إلا زوجها وبيتها ،والتي يزهد بعض الشباب فيها ، فيذهبون إلى أوربة أو أميركة ليجيئوا بالعلم فلا يجيئون إلا بورقة في اليد وامرأة تحت الإبط ، إمرأة يحملونها يقطعون بها نصف محيط الأرض أو ثلثه أو ربعه ، ثم لا يكون لها من الجمال ولا من الشرف ولا من الإخلاص ما يجعلها تصلح خادمة للمرأة الشرقية ؛ ولكنه فساد الأذواق ،وفقد العقول ، واستشعار الصغار ،وتقليد الضعيف للقوى . يحسب أحدهم أنه إن تزوج امرأة من أمريكا ، وأى امرأة ؟ عاملة في شباك السينما ، أو في مكتب الفندق ، فقد صاهر طرمان ، وملك ناطحات السحاب ، وصارت له القنبلة الذرية ، ونقش اسمه على تمثال الحرية . .

إن نساءنا خير نساء الأرض ، وأوفاهن لزوج ،وأحناهن على ولد ، وأشرفهن نفسا ، وأطهرهن ذيلا ، وأكثرهن طاعة وامتثالا وقبولا لكل نصح نافع وتوجيه سديد . وإني ما ذكرت بعض الحق من مزايا زوجتي إلا لأضرب المثل من نفسي على السعادة التي يلقاها زوج المرأة العربية (وكدت أقول الشامية) المسلمة ، لعل الله يلهم أحدا من عزاب القراء العزم على الزواج فيكون الله قد هدى بي ، بعد أن هداني !

الشيخ علي الطنطاوي رحمة الله عليه